الألمان والروس في الصدارة سياحة الإقامة الطويلة تجذب الأوروبيين للغردقة

تمثل مدينة الغردقة بمحافظة البحر الاحمر نموذجًا ناجحًا للتعايش بين ثقافات متعددة، وتحولت في السنوات الأخيرة من مجرد وجهة سياحية شاطئية للاجازات إلى مجتمع عالمي يحتضن مزيجًا فريدًا من الجنسيات والثقافات.ولم تعد الغردقة محطة عابرة للسياح وقضاء الاجازات القصيرة ، بل أصبحت موطنًا ثانيًا لآلاف الأجانب، خصوصًا من الألمان والروس والبريطانيين، إلى جانب تزايد ملحوظ في أعداد القادمين من دول أوروبا الشرقية كالمجر وبولندا والتشيك. وتواصل مدينة الغردقة على ساحل البحر الأحمر تألقها كواحدة من أبرز المقاصد السياحية، ليس فقط للرحلات القصيرة، ولكن أيضًا للإقامات الطويلة التي باتت نمط حياة للآلاف من الأجانب، خاصة من ألمانيا وروسيا ودول أوروبا الشرقية.
وتشير الإحصاءات غير الرسمية إلى أن أكثر من 20 ألف أجنبي يقيمون بشكل دائم أو شبه دائم في الغردقة، أغلبهم من الألمان والروس، يليهم التشيك والبولنديون والبريطانيون ويعود السبب في ذلك إلى عدد من العوامل الجاذبة، أبرزها المناخ الدافئ على مدار العام، مقارنةً بالبرد القارس في أوروبا وانخفاض تكاليف المعيشة والإيجارات مقارنة بالدول الأوروبية.وتحسن مستوى الأمان والخدمات في المدينة والانفتاح المجتمعي وتقبل السكان المحليين للأجانب واندماجهم والاستثمار العقاري والسياحي حيث الأجانب يشترون وحدات سكنية و أن الغردقة بدأت تتحول فعليًا إلى مدينة عالمية متعددة الثقافات، حيث بات من المألوف وجود مدارس دولية، مطاعم أوروبية، مهرجانات ثقافية مختلطة، وحتى مجموعات تطوعية يديرها أجانب ومصريون سويًا
واكد بشار ابو طالب نقيب المرشدين السياحيين انه من أبرز الظواهر الجديدة التي تشهدها الغردقة هي الإقامة الطويلة للأجانب الذين اختاروا العيش فيها بشكل دائم أو شبه دائم واصبح المواطنون الألمان والروس والانجليز جزءًا من النسيج الاجتماعي للمدينة، حيث يمتلك الكثير منهم شققًا وفيلات وشاليهات في مناطق مختلفة، ويديرون مشروعات صغيرة، ويربون أبناءهم في مدارس دولية متعددة الجنسيات، ما يعزز مكانة الغردقة كمدينة عالمية داخل مصر، تتسع لكل من السائح والمستثمر والمقيم.
وأوضح سيد الجابري الخبير السياحي أن ألمانيا تعد السوق السياحي الأول للغردقة فقد شهدت السنوات الأخيرة تدفقًا مستمرًا للسياح الألمان على مدار العام، واحتلت الرحلات الألمانية المرتبة الأولى من حيث التكرار والعدد وأما السياح الروس، فرغم التحديات السياسية وتعليق بعض الرحلات في فترات سابقة، فإن الغردقة لا تزال وجهة مفضلة للروس، خاصة خلال فصل الشتاء واما البريطانيون والإيطاليون لم يغيبوا عن المشهد رغم التحديات الاقتصادية في بلدانهم حيث تظل الغردقة وجهة مفضلة لقضاء العطلات، بفضل تنوع المرافق وجودة الخدمات وأما السياح من بولندا، التشيك، والمجر، فقد شهدت أعدادهم ارتفاعًا واضحًا في السنوات الأخيرة يواء في الإجازات أو الإقامة الطويلة وفي ظل هذا النجاح المتواصل، ومع الاستقرار السياسي والاهتمام المستمر من الأسواق الجديدة مثل دول الخليج وآسيا، يُتوقع أن تواصل الغردقة جذب الزوار، وتبقى نموذجًا عالميًا للتعايش، السياحة المستدامة، والتنمية الاجتماعية المتنوعة.حتي تحولت الغردقة من مجرد وجهة لقضاء أسبوع أو عطلة قصيرة، إلى موطن دائم لعشرات الآلاف من الأجانب، ما يعزز من مكانتها كمركز سياحي عالمي، ويضع على عاتق الاجهزة المختصة والمجتمع المدني مسؤولية دعم هذا التحول الحضاري، وتوفير بيئة تشجع على التعايش، وتحافظ في الوقت ذاته على الهوية المحلية.
واكد هيرمان فولر، أحد السياح الألمان المقيمين منذ أكثر من عشر سنوات في المدينة: "الغردقة أصبحت بيتي الثاني. كل شيء هنا منظم وآمن، والشواطئ ساحرة ولم أعد أعتبر نفسي سائح. الغردقة أصبحت بيتي. الشمس، البحر، دفء الناس وكلها أشياء جعلتني أقرر ألا أعود إلى ألمانيا" وقد ساهمت شركات الطيران الألمانية في تعزيز هذا الارتباط من خلال رحلات منتظمة ومباشرة ساعدت في استقرار التدفق السياحي.
واكد إيفان بترينكو، سائح روسي: "الطقس هنا مثالي، والشواطئ دافئة في الوقت الذي تتجمد فيه بلادنا. نعود كل عام وان الفنادق على توفير خدمات تناسب الذوق الروسي، من حيث الطعام والموسيقى والأنشطة واكد يورغ شيمون، سائح بولندي: "الغردقة تجمع بين الجودة والسعر المناسب، وهي مثالية للعائلات".
وأكدت أولجا سميرنوفا، روسية مقيمة منذ خمس سنوات: "وجدت في الغردقة ما لم أجده في بلدي. افتتحت مشروعًا صغيرًا للحلويات الروسية، وزبائني من الروس والمصريين. أشعر بالأمان هنا"
واكد عصام علي الخبير السياحي ووكيل غرفة العاديات والسلع السياحية ان خدمات الغردقة الموجودة تواكب هذا الخليط الثقافي فالفنادق تقدم قوائم طعام متعددة الجنسيات، وتوفر الترجمة الفورية، وبرامج ترفيهية متنوعة من الغوص إلى السفاري. واضاف علي ان "الضيافة الذكية" بالغردقة جزءًا من التجربة، من خلال الحجز الإلكتروني والتطبيقات الفندقية التي تسهل على الزوار التخطيط لإقامتهم.وعلى المستوى الاقتصادي، تشكل السياحة المصدر الأساسي للدخل في الغردقة، حيث يتراوح متوسط نسب الإشغال الفندقي بين 70% و90% طوال العام، وتصل أحيانًا إلى 100% في المواسم. وتنعكس هذه الحركة في فتح فرص عمل جديدة، وزيادة في الاستثمارات، سواء من مصريين أو أجانب.وأكد انه في شوارع الغردقة، لم يعد من الغريب أن تشاهد أزواجًا من الألمان أو الروس يتسوقون في الأسواق المحلية، أو يتناولون الطعام في مطاعم مصرية شعبية، أو يتحدثون باللهجة العامية المصرية بلكنة أوروبية. هؤلاء لم يعودوا مجرد سياح، بل أصبحوا جزءًا من النسيج المجتمعي للمدينة.المقيم بالغردقة وان المدينة أصبحت نموذجًا فريدًا في الشرق الأوسط لمجتمع يعيش فيه الأوروبي بجوار المصري بتناغم واحترام متبادل. وهذا يفتح آفاقًا أكبر للسياحة والاستثمار والعلاقات بين الشعوب"
وكشف محمد الهواري بشركة تسويق وتطوير عقاري ان الكثير من الأجانب لم يكتفوا بالإقامة فقط، بل دخلوا في سوق العمل والاستثمار العقاري حيث يعيش في الغردقة آلاف الأجانب ممن قرروا تحويل زيارتهم السياحية إلى إقامة دائمة أو شبه دائمة، يستأجرون شققًا أو يشترون منازل، ويؤسسون أعمالًا صغيرة أو يعيشون على مدخراتهم أو معاشاتهم وان ازدهار الإقامة الطويلة دفع سوق العقارات في الغردقة إلى النمو، حيث يشتري الكثير من الأجانب وحدات سكنية في مناطق مثل الكوثر، الهضبة، والأنتركونتيننتال وشمال الاحياء ومبارك ٧ وان طلب الأجانب على الشراء أو الإيجار طويل الأجل زاد بنسبة 30% خلال العامين الأخيرين، خاصة من المتقاعدين الأوروبيين و يساهم هذا الوجود الأجنبي المكثف في تنشيط الاقتصاد المحلي، من خلال الإيجارات، التسوق، الإنفاق على الأنشطة الترفيهية، والخدمات الصحية والتعليمية. كما أن كثيرًا من الأجانب يساهمون في نشر ثقافة بيئية وسياحية جديدة، خاصة في مجالات مثل الغوص، حماية الشعاب المرجانية، وتنظيم الرحلات المستدامة
واكد محمد شمروخ العضو المنتدب لاحدي المجموعات السياحية والفندقية ان الغردقة الآن ليست مجرد مدينة سياحية، بل تجربة اجتماعية كاملة لان هناك مدارس روسية، والمانية وفرنسية، ومهرجانات تنظمها جاليات أجنبية، ما يعزز التبادل الثقافي ويؤثر إيجابًا على المجتمع المحلي، خاصة الأطفال وذلك يعد رسالة الطمأنينة التي ترسلها الغردقة للعالم تتمثل في استقرارها الأمني وتنوعها الثقافي وإنها وجهة آمنة وجاذبة ومحبوبة، لا تزال تحظى بثقة السياح من مختلف أنحاء العالم، وتواصل ترسيخ مكانتها كأحد أعمدة السياحة المصرية والعالمية