في اليوم العالمي للسلاحف البحرية.. دعوات لحمايتها من الانقراض وجهود إقليمية للتوعية والحفاظ عليها بالبحر الأحمر

بمناسبة اليوم العالمي للسلاحف البحرية، الذي يُصادف السادس عشر من يونيو من كل عام، دعت الهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن (PERSGA) إلى تكثيف الجهود المشتركة لحماية السلاحف البحرية من التهديدات الطبيعية والبشرية، وتعزيز الوعي البيئي لدى المجتمعات الساحلية والسياحية بأهمية الحفاظ على هذه الكائنات الفريدة، التي تُعد من أقدم الكائنات الحية على وجه الأرض.
وأكدت الهيئة أن السلاحف البحرية، رغم نجاحها في تجاوز تحديات بيئية على مدى ملايين السنين، إلا أنها اليوم تصنف ضمن الكائنات المعرضة لخطر الانقراض، بسبب ما تواجهه من تهديدات مثل فقدان مواقع التعشيش، والاصطياد العرضي في شباك الصيد، والتلوث، والتعدي على البيئات الطبيعية، والأنشطة السياحية غير المنضبطة.
أوضحت الهيئة أن البحر الأحمر وخليج عدن يحتضنان خمس أنواع رئيسية من السلاحف البحرية، تشمل السلحفاة الخضراء، وصقرية المنقار، وكبيرة الرأس، وجلديّة الظهر، والزيتونية، وجميعها مصنفة ما بين مهددة ومهددة بشدة بالانقراض وفقًا للقوائم الحمراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN).
وتبذل الهيئة جهودًا متواصلة للحفاظ على السلاحف، تشمل تحديث الخطة الإقليمية للمحافظة على السلاحف البحرية، ودعم الدول الأعضاء في تطوير خططها الوطنية، وتدريب الكوادر المحلية في الرصد والمراقبة، إلى جانب نشر أفضل الممارسات البيئية المتعلقة بحماية السلاحف وأماكن تعشيشها.
ففي أعماق الخلجان البحرية جنوب البحر الأحمر، وتحديدًا على سواحل مدينة مرسى علم، باتت السلاحف البحرية عامل جذب سياحي بارز، حيث يتوافد آلاف السائحين من مختلف الجنسيات لممارسة رياضات الغوص والسنوركلينج، والسباحة بجوار السلاحف والتقاط الصور التذكارية معها، في مشهد بيئي فريد يعكس التنوع الحيوي للمنطقة.
وتعد خلجان أبودباب، وطرمبة، وعجلة، ونكاري، ولحمي ومبارك من أبرز مواقع تواجد السلاحف بمرسى علم، لما تتمتع به من وفرة في الحشائش البحرية، التي تمثل الغذاء الرئيسي لهذه الكائنات. ووفقًا لباحثي محميات البحر الأحمر، فإن هذه الخلجان تُصنّف من أغنى البيئات البحرية بالحياة الفطرية، وهي ثروة قومية يجب الحفاظ عليها.
ويؤكد الدكتور الدشي مهدي أستاذ البيئة البحرية بعلوم الأزهر أن الخلجان البحرية بمرسى علم تتميز بتكوينات جيولوجية فريدة، حيث تتكون قيعانها من تربة رملية تغطيها مروج واسعة من الحشائش البحرية. ويضيف: "وجود التلال الرملية الصغيرة،والحشائش البحرية وتنوع الشعاب المرجانية، والحيوانات القشرية والثدييات البحرية، جعل هذه المناطق ذات إنتاجية بيولوجية عالية، ومأوى طبيعي للسلاحف" وتابع مهدي إن السلاحف البحرية ليست مجرد كائنات جميلة تزين الشواطئ، بل هي مؤشر حيوي على صحة البيئة البحرية، وضمان لاستدامة موارد البحر الأحمر الغنية، التي تمثل أحد أعمدة الاقتصاد والسياحة في المنطقة
من جهتها، تسمح محميات البحر الأحمر بممارسة أنشطة الغوص والسنوركل بشرط الالتزام بضوابط صارمة، حيث يُسمح بدخول السائحين للخلجان برفقة مرشدين معتمدين من غرفة سياحة الغوص والأنشطة البحرية. ويُحدد العدد بسبعة أفراد للسنوركل وخمسة للغوص لضمان السيطرة على المجموعات، مع التشديد على عدم مطاردة أو إزعاج السلاحف البحرية.وان أن هذه الإجراءات ساهمت في تقليل الضغط على السلاحف، مشيرين إلى أن احترام المسافات الآمنة وعدم ملاحقة السلاحف يضمن بقاءها في مواقعها، ويُسهم في تحقيق تجربة سياحية مستدامة
الدكتور أشرف صديق، الباحث البيئي بمعهد علوم البحار بالغردقة، أشار إلى أن السلاحف البحرية تلعب دورًا بيئيًا محوريًا، فهي تُعتبر "راعٍ طبيعي" للمروج البحرية، وتُساعد في الحفاظ على التوازن البيئي. وأوضح أن السلحفاة الخضراء تحديدًا تُسهم في تقليل أعداد القناديل البحرية بالبحر المتوسط، وهو ما يعكس أهميتها في السلسلة الغذائية البحرية.
ومن بين المواقع البيئية النادرة في مصر، يبرز خليج مرسى مبارك، الذي يقع على بُعد 60 كيلومترًا شمال مدينة مرسى علم، كمثال حي على التوازن بين الطبيعة والسياحة. يجمع هذا الخليج بين المياه الصافية، ومروج الحشائش البحرية الواسعة، والحياة الفطرية النادرة، مما يجعله وجهة مثالية للسائحين من عشاق البيئة والغوص. واضاف صديق انه في ظل تصاعد التهديدات البيئية العالمية، تُطالب الهيئة الإقليمية والباحثون البيئيون بضرورة تفعيل الدور المجتمعي في حماية السلاحف البحرية، من خلال حملات التوعية، وتطبيق القوانين البيئية، وتبني مفهوم السياحة البيئية المسؤولة، حفاظًا على هذه الكائنات الرقيقة التي ترتبط بصحة النظم البيئية البحرية ككل.